نظرة عامة حول النشر العلمي وأهميته Scientific Research
يوجد في السلك الأكاديمي مقولة معروفة« publish
or perish» أي )انشر أو مُت!(، بمعى آخر أنك إذا قمت بكتابة بحث في نقطة ما
وتوصلت إلى بعض النتائج ولكنك لم تقم بنشره فلن يعرف أحدٌ بأمره، حتى لو فكرت أن
تقوم بعمل صفحة ويب خاصة بك ونشرت بها فكرتك، ربما ستتلقى عبارات الإعجاب
والتعليقات من بعض الأشخاص ولكن لن يثق أحد بتلك النتائج، لأن تلك النتائج لم تجد
طريقها إلى مراجعين آخرين كي يدلوا برأيهم فيها، إذًا فقيامك بتجربة وتوصلك إلى
نتائج معينة فقط لا يكفي في العصر العلمي الذي نعيشه، بل لا بد من موافقة الآخرين.
من الممكن أن يخطر ببالك أنه من المحتمل أن تكون فكرتك
قوية جدًا لدرجة أن المراجعين لم يفهموها، في هذه الحالة يكون وصف الفكرة ب «قوية
جدًا» ما هي إلا وجهة نظرك، وحتى إذا عجز المراجعون عن استيعاب فكرتك - وإن كانت
قوية جدًا - فذلك يرجع إلى عدم قدرتك على شرحها جيدًا، لاحظ أنه في عام 1905
الذي يعتبر بمثابة السنة المعجزة ل «ألبرت أينشتاين» حيث قام خلالها بنشر خمس
ورقات بحثية ثلاثة منها أثاروا جدلًا كبرا مثل النسبية الخاصة، وكان في ذلك الوقت
لا يعمل بالجامعة وليس لديه مساعدون، بل كان يعمل بمكتب براءات اختراع في منصب
إداري وكان هو من يكتب لنفسه ومع ذلك نجح في أن ينشر أفكاره، وهذا بدوره يعي أنه
نجح في شرحها بطريقة جيدة.
أيضًا عندما يوافق المحرر« Editor»
على ورقتك البحثية ويتم نشرها فهذا لا يعي بالضرورة أنها فكرة صحيحة تمامًا، ولكن
هذا قد يعي أنها فكرة من الممكن أن تؤدي فيما بعد إلى توليد أفكار أخرى لدى غرك،
كأن تقترح أن أمرا ما خاطئ رغم موافقة الجميع عليه وأن ترى أنهم على خطأ ويكون لك
نظرتك في هذا الموضوع، تلك الطريقة قد تكون بوابتك للنشر، ولو ثبت بعد ذلك أن
نظريتك خاطئة، فلا يوجد مُسمّى «فكرة خاطئة» بل يقوم الناس بمناقشتها.
لهذا كله قبل أن تفكر في الاكتفاء بنشر فكرتك على صفحة
ويب، يجب أن تحرص على أن تراجَع بواسطة مجموعة من المحررين والمراجعين ليقروا
بأنها قد تكون فكرة نافعة.
طبعًا هذا لا يمنع أنه يوجد الكثر من الأبحاث التي تم
رفضها من مجلات علمية مرموقة منهم مجلة« Nature» وقد حصل بحث
منهم على جائزة نوبل بعد ذلك رغم رفض نشره، وإذا قمت بالبحث على موقع جوجل على
الورقات البحثية التي تم رفضها« Famous Papers That Got Rejected»،
ستجد منهم الكثر. ولكن لا تفكر بذلك المنطق عندما ترسل ورقتك البحثية وتتلقى
رفضًا، فالرفض لا يعي أنك ستحصل على نوبل. هذا غر واقعي!
يمكن تصنيف بعض العاملين في
المجال البحثي إلى ثلاثة أنواع:
النوع الأول: غي وقدراته
العقلية ذات مستوى سيئ، وعددهم قليل وعادةً لا تقابلهم .
النوع الثاني: شخص ذكي جدًا
لكنه غي فيما يتعلق بتنفيذ الأبحاث، وهؤلاء عددهم أكثر من النوع الأول.
النوع الثالث: شخص ذكي جدًا
ويقوم بعمل الأبحاث بطريقة عبقرية، لكنه غي فيما يتعلق بالكتابة.
بالنسبة للعالم الخارجي سيظهر الثلاثة كأغبياء، لأنه في
آخر الأمر لن يرى المنتج النهائي لأعمالهم النور ولن يظهر للناس، بمعى أنك حتى إذا
كنت نابغة وقمت بعمل عظيم ثم فشلت في الكتابة، سيخلط الناس بينك وبين النوع الأول
والثاني. لهذا يرُجى أن تكون من «النوع الرابع»، ولا تقع في الخطأ الذي
يرتكبه الكثر ممن يبدؤون رحلتهم البحثية بأن يظنوا أن فكرتهم رائعة ونتائجهم
العملية رائعة، وأن طريقة الكتابة ليست مهمة والجهات الناشرة ستنبهر بالفكرة وتقوم
بنشرها أيًا كانت طريقة الكتابة، لأن هذا الاعتقاد غر صحيح، والكتابة السيئة لن
تُقبل ولن تقرأ من الأساس حتى ولو كانت فكرتك رائعة بل أن أحدًا لن يستوعب فكرتك
ويقرّ بأنها رائعة.
السؤال الأول: ماذا ننشر؟
قبل أن تتخذ قرارًا بنشر بحث ما، يجب أن تضع نصب عينيك السبب
الذي جعلك تفكر في هذا القرار، بمعى أنه في حالة إذا كان من باب التفاخر أمام
الناس بعملك، صحيح أنك ستستطيع القيام بعملية النشر، ولكن لن يكون الأمر بنفس قيمة
إذا ما كان الذي دفعك للنشر هو إفادة الناس بما قمت باكتشافه أو ما تعلمته، لذلك
من المهم أن تكون على علم بسبب رغبتك في النشر العلمي، وأرجو ألا يكون السبب هو
التفاخر .
على الصعيد الآخر يتجه بعض الأشخاص للنشر العلمي لأنه
مطلوب من أجل الحصول على ترقية في الوظيفة ،لا مانع من ذلك، ولكن إذا كان هذا هو
السبب الوحيد، فإنك ستنشر غالبًا في أي مكان قد يوافق على نشر أي فكرة أيًا كانت
فقط من أجل أن تحصل على الترقية في العمل ومن أجل أن يظهر في سرتك الذاتية الكثر
من الأبحاث المنشورة، وفي بعض الأحيان
يعتبر هذا نوعًا من الخداع، إذا وجِد لديك ثلاثون أو أربعون بحث منشور وكان
واحد أو اثنان منهم فقط ذي قيمة فهذا ليس بالأمر الجيد، لذلك كان من الأفضل أن تضع
إفادة الناس بشيء اكتشفته سببًا لك، وهذا الأمر يظهر من خلال طريقة العرض والكتابة
التي قمت بها عندما ينشر عملك للناس وتبدأ في تلقي الكثر من الأسئلة بخصوصه
وُيُطلب منك القيام بأعمال مشتركة مع آخرين، فمن الأفضل أن تنوي هذه النية عند
النشر.
هكذا نكون قد وصلنا لإجابة سؤال لماذا نقوم بنشر
الأبحاث وعرفنا أنه يُفضل أن يكون من أجل إفادة الآخرين حتى لو كنت تريد التفاخر
أو الترقية في العمل فلا بأس بهذه الأهداف ولكن ضعها في ترتيب يأتي بعد نيتك
لمساعدة المجتمع العلمي ومساعدة العاملين به بأفكارك تلك، ولاحظ أنك إذا قمت بنشر
بحثما ولم تنل عليه جائزة كبرة ولكن هناك من انتفع منه وحصل على جائزة فإنه يكون
لك نصيبٌ في ذلك، هذا إذا كنت تبحث عن الجزاء على عملك، وإن لم يكن في الدنيا
سيكون في الآخرة بإذن الله، إلا إن كنت تبحث عن المقابل المادي والشهرة فهذا أمر
آخر، ولكن عليك توخي الحذر منه لأنه عادة ما يأخذ الكثر من طاقتك والتي من الأفضل
أن يتم استخدامها في عمل البحث، فضع هذه الأمور نُصب عينيك عند البدء في البحث
العلمي.
السؤال الثاني: متى تباشر عملية النشر؟
من المؤكد أنك بعد قراءتك لما سبق في هذا الكتاب، تعرفت
على أساسيات البحث العلمي وعرفت أن أي بحث علمي يبدأ في الأصل بسؤال، فدائمًا ما
يكون البحث نفسه عبارة عن سؤال كبر وعليك إيجاد إجابة له، هذا السؤال الكبر عادةً
ما يكون صعبًا وإلا فإنك لن تحتاج إلى أن تقوم ببحث كامل لأجله من الأساس. تلك
الأسئلة الصعبة يجب أن تقوم أنت بتفصيلها إلى أسئلة أصغر sub problems وتلك تُفصل إلى أسئلة أصغر حتى تصل لسؤال من
الممكن أن تبي عليه ورقتك البحثية، ولكن يجب ألا يكون هذا السؤال سهلًا جدًا وإلا
لن يكون ذا قيمة كي ينشر.
فأي سؤال يجب أن تقف عنده لتنشر عنه؟
هذا بالطبع يختلف من مجال لمجال ويجب اللجوء لخبرات
السابقين في الأبحاث في المجال المعيِّ، وعادةً تكون من خصائص هذا السؤال ألا يقع
نظر أحد عليه ويجيب عنه فورا، بل يجب أن تكون هناك تجارب وأرقام حتى تتم الإجابة
عن هذا السؤال.
دعنا نقول إن البحث الذي ستقوم بنشره يجيب عن سؤال صغر،
الذي هو بدوره جزء من أسئلة أكبر تتضمن السؤال الكبر الذي بدأت به مشروعك البحثي،
ووصلت إلى إجابته.
ولا نعي بالإجابة هنا أي كلام عام توصلت إليه وأنت
تشاهد التلفاز مثلًا، أو أن تقول إنك قمت بتجربة كذا ونجحت، فكلمة إجابة هنا تعي
شيئًا مدعوًمًا ببيانات backed( by data(، أي أنك قمت
بإجراء بعض التجارب وتوصلت إلى بعض الأرقام، وهذه الأرقام تدعم إجابتك، لأنك عندما
تحاول الإجابة عن سؤال ما، تبدأ في البحث عن محاولات من سبقوك –إن كانوا قد حاولوا
البحث عن إجابة– وتبحث عن أسباب عدم توصلهم إلى تلك الإجابة.
وإذا توصلت إلى إجابة ما دون أن تتوصل إلى أرقام، فإن
هذه تسمى ب الفرضية) hypothesis(، وتقوم بعدها بإجراء العديد من التجارب لكي
تدعم هذه الفرضية، ثم تشرح خطوات هذه التجارب في البحث وتسرد النتائج موضحًا دعمها
لصحة فكرتك. وعند الانتهاء من هذه الخطوة، يحين الوقت المناسب لإرسال ورقتك
البحثية للنشر.
ولا يحدث هذا الأمر فجأة، أي أنك لا تتوصل إلى النتائج
والبيانات في يوم ما ثم تبدأ النشر في اليوم التالي مباشرة ،فخلال رحلة الإجابة
على هذا السؤال الصغر، يجب أن يكون لديك جدول زمي تحدد فيه أوًلا المجلة التي تريد
أن تنشر فيها بحثك أو المؤتمر الذي سيُعرض فيه، وعادةً ما يكون للمؤتمر ميعاد محدد
لاستلام الأبحاث تعرفه مسبقًا ،فتقوم بحساب الوقت الذي سيلزمك للانتهاء من العمل
على بحثك لترسله في الوقت المناسب. فمثلًا، يكون عليك أن تنشر بعد 6
أشهر في هذا المؤتمر، فتستغرق شهرًا واحدًا في كتابة الورقة البحثية وتخصص شهرين
قبل ذلك للقيام بكذا، وتبدأ في وضع خطة زمنية لتنفيذ المهام. أما إذا كنت ستنشر في
مجلة علمية، فيجب أن تعرف الوقت الذي تستغرقه تلك المجلة في مراجعة الأبحاث، أو في
بعض الأحيان يكون هناك عدد خاص من هذه المجلة، هذا العدد يكون مختصًا بمناقشة نقطة
بحثية معينة ويكون لهذا العدد ميعاد محدد. في تلك الحالة إذا كان بحثك يناقش هذه
النقطة، فإنك تراسلهم أولًا وبعدها يمكنك وضع خطة العمل( Road Map)
الخاصة بك .
إما إذا كنت تدرس للحصول على درجة الماجستر أو
الدكتوراه وتعلم متى تريد الانتهاء منها فتستطيع حينها أن تضع لنفسك وقتًا
للانتهاء من البحث.
من كل هذا نستنتج أن الإجابة على سؤال متى يكون النشر
هي عندما يكون لديك إجابة تدعمها أرقام، لأنه إذا لم توجد أرقام فنحن هنا نكتب
شعرًا أو قصة وليس بحثًا علميًا، ما لم يكن السؤال فلسفيا فهذا أمر آخر. وإذا تعلق
الأمر بفلسفة العلوم، فطالما ذكرت العلوم يجب أن تكون هناك أرقام، وهذا هو ما
نتحدث عنه في هذه الحالة.
السؤال الثالث: ما الذي ستنشره؟
هذا سؤال في غاية الأهمية، لأنك بعد أن تجيب على سؤالك
وتتوصل إلى أرقام كثرة جدًا، قد تفضل تجزئة هذه الأرقام إلى مجموعات صغرة ونشر كل
مجموعة منها في مؤتمر أو مجلة ما، وبذلك تكون قد نجحت في نشر أكثر من بحث بدلًا من
نشر بحث واحد فقط، وهذه الحالة توصف في وسط البحث العلمي بمصطلح معروف يسمى Least
Publishable Unit وهو أصغر شيء يمكن نشره.
وهنا يثور سؤال: لقد قمت بحل مسألة معينة ولديّ البيانات
التي تثبت ذلك، فهل أقوم بنشرها في بحث واحد ذي قيمة أم أنشرها على هيئة أربعة أو
خمسة أبحاث بمستوى متوسط؟
إذا نشرت أربعة أو خمسة أبحاث سيظهر ذلك بالفعل في سرتك
الذاتية وسينبهر غر المتخصصين في مجالك بالأمر لكثرة أبحاثك، لكن سيؤثر ذلك على
سمعتك بين المتخصصين في مجالك، وسُمعتك في وسط المجتمع العلمي في تخصصك مهمة
للغاية، لأنها ما سيجعلك بعد ذلك مؤهلًا لتكون مراجعًا لأبحاث غرك، وغرها من الفرص
الأخرى، وهذا بدوره سيساعدك في إيصال أفكارك للغر، لاحظ أن بحثك ليس السبيل الوحيد
لتوصيل أفكارك ،بل كونك مراجعًا للأبحاث أيضًا حيث تقوم بمساعدة المجتمع البحثي.
وهناك العديد من الوسائل التي تمكنك من مساعدة المجتمع العلمي، ولكي تمتلك تلك
الوسائل يجب أن يراك الآخرون باحثا ذا قيمة، ولكي يتحقق ذلك عليك أن تتجنب الLeast
Publishable Unit إذا كان من الممكن أن تنشر في ورقة بحثية واحدة
قوية ترسلها إلى مؤتمر كبر أو مجلة علمية مرموقة، فهذا أفضل من أربع ورقات بحثية
في مؤتمرات متوسطة، إذ أن العدد ليس المعيار الأساسي كما سنرى لاحقًا. فضع تلك
النقطة نُصب عينيك، وابتعد عن ال Least Publishable Unit!
السؤال الرابع: متى تبدأ في الكتابة؟
بعد أن تعلمنا لماذا نقوم بالنشر ومتى وما الذي سنقوم
بنشره يأتي السؤال: متى نبدأ الكتابة؟ يعتقد أغلب الناس أن البدء في الكتابة يكون
بعد الانتهاء من العمل البحثي وجمع البيانات كلها واستخراج الأرقام والانتهاء من
الرسوم البيانية Graphs، وهذا غر عملي في الواقع ولا يحدث في
الحياة، حيث تنتهي عادةً من العمل على بحثك واستخراج الأرقام قبل المؤتمر أو موعد النشر في المجلة بأيام
قليلة، مما يجعل البعض يدخل في حالة من الهلع وُيُضطر إلى العجلة في الكتابة
واتباع أي وسيلة محاوًلا اللحاق بموعد النشر، فيظهر البحث بصورة سيئة كما تحدثنا
من قبل عن النوع الثالث من أنواع العاملين في مجال البحث العلمي، وهذا لا يصح .
أفضل
موعد لبدء الكتابة عند بداية العمل على البحث. لكن انتبه! لا يعي بدء الكتابة هنا
البدء في كتابة ورقةً علمية، بل تسجيل أفكارك وتجاربك، والرسوم البيانية، وحتى
نتائجك السيئة؛ فالحفاظ على ملف يتضمن كافة البيانات سيساعدك على التركيز، على عكس
الكلام العابر غر المدون .
فعندما تسجل بنفسك ما تنجزه، فإن هذا سيساعدك في الحفاظ
على تركيزك على البحث، ومع انتهاء البحث سيكون بحوزتك عشرات الصفحات التي يمكنك
اختيار ما هو صالح للنشر منها بسهوله فيما بعد، فتكون إضافة التعديلاتEditing
هكذا أسهل بكثر منها إذا كنت قد انتهيت من البحث وباقي على زمن التسليم أسبوع
مثلًا، لكنك تجلس أمام صفحة بيضاء تنتظر أن تكتب فيها كل ما مررت به في البحث منذ
البداية! لذا، احرص على الكتابة منذ بداية ظهور الفكرة لديك مرورا بالمراحل التي
يتم فيها تنفيذ البحث، فهذا أفضل بكثر.
وتمثل هذه الصفحات دفترك البحثي الخاصResearch
Notebook - الذي يعد إحدى أهم الأدوات التي يستخدمها أي باحث مرموق سواء
على جهاز كمبيوتر أو على هيئة ورق ، وهو يحوي جميع أفكارك وتجاربك ،حتى الفاشل
منها، فهي بدورها تعطيك معلومات وأفكارًا مهمة؛ مثل، هل كانت الأخطاء نتيجة
للقياس، أم للفكرة نفسها؟ كيف تعمل على تحسينها إذًا؟ وهكذا.
احرص في جميع أيامك على الكتابة، ويفضل أن تنهي عملك
مبكرًا نصف ساعة كل يوم كي تخصصها للكتابة ،وبعد فترة سيكون لديك كتاب يحوي
أفكارًا تستطيع أن تستخرج منها الأبحاث التي تريد نشرها.
احترس! طريقة كتابتك للبحث قد تكون مختلفة
عما حدث في الواقع، فعند قراءتك لأي بحث، قد تجد الموضوع بسيطا، والمشكلة واضحةً
وفكرة حلها منطقيةً ومدعّمة بالتجارب، وأن الأمر سهل للغاية!
لكن هذا غر صحيح! إذ تكون المشكلة موجودة في الواقع،
ويجرب الباحث العديد من الطرق، بعضها يفشل وبعضها يكون أقرب إلى الصواب لكنه يفتقر
إلى بعض التعديلات، ويستمر ذلك حتى الوصول إلى أفضل طريقة ،وهذه التفاصيل لا داعي
لإزعاج قارئ البحث بها، لذا، يُكتفى بوضع السؤال، ثم تذكر إجابتك وما يؤيدها مما
أجريته من تجارب ونتائجها بالتفصيل الممل، لتتحول إلى رواية دون إضافة تفاصيل غر
ضرورية، فهذه التفاصيل يمكنك الاحتفاظ بها في دفترك البحثي الذي تكتب فيه يوميًا،
لكن لا مكان لها في الورقة البحثية التي ستنشر بعد ذلك، حيث تستخرج من دفترك
البحثي هذا ما يمكنك كتابته في الورقة البحثية، وهذا سيسهل وصول فكرتك إلى جميع
قراء البحث، ولا يعد خداعًا لأحد، بل مجرد انتقاء للأجزاء المهمة فقط للنشر.
وهكذا، تباشِر كتابة الفكرة أو السؤال، ثم تكتب الحل،
والتجارب التي قمت بها، وكيفية إتمامها. كما يمكن تحسين البحث بعدة خطوات
مستقبلية.
وهذه هي الطريقة المثلى، حيث تختلف طريقة الكتابة عن
طريقة البحث .
ُ
من المهم كذلك أن تبدأ في الكتابة منذ اليوم الأول في
البحث، وليس من الضروري الاهتمام بقواعد الإنجليزية أثناء الكتابة في تلك الفترة،
فهذا يمكنك الاعتناء به عند العمل على الورقة التي ستنشرها، لكن الهدف الأساسي
الآن هو تسجيل جميع الأفكار التي قد تخطر ببالك، حتى تسهُل العودة إليها فيما بعد،
لأنه من الصعب للغاية إبقاء جميع التفاصيل في الذاكرة .
السؤال الخامس: ما سبل النشر وأنواعه والأوراق البحثية؟
في هذا الجزء سوف نخص بالاهتمام الجهات التي ترسَل
إليها الأبحاث بعد الانتهاء من كتابتها. فيمكنك أن ترسلها إلى مجلة أو مؤتمر علمي
والنشر في كل منهما مختلف عن الآخر وفقًا للمجال الذي تعمل به. لكن إذا اخترت في
النهاية أن تنشر بحثك في مجلة، فكيف تختار هذه المجلة وكيف تعلم أنها هي المناسبة
لطبيعة ومستوى بحثك؟ ثم نتطرق إلى الأنواع المختلفة للنشر؛ فمنها ما يعرف بالملخص
المطول، أوراق ورش العمل، الأوراق التي تُنشر في المجلات والأخرى التي تُنشر في
المؤتمرات، الخطة البحثية وأخرًا التقارير .
أما عن أنواع الأوراق البحثية ذاتها فهناك أوراق
المراجعة، التحسين التدريجي، المساهمة السلبية، فكرة جديدة ،اكتشاف علمي وغرها.
ويمكن تصنيف الأوراق البحثية عن طريق مدى مساهمتها في التقدم العلمي في مجالها،
فهناك أبحاث لا تسبق غرها بأي خطوة، وأبحاث تسبق بخطوة واحدة وأبحاث تسبق بعشرة
خطوات .
والآن بعد أن تم إرسال الورقة البحثية إلى المجلة
العلمية للنظر فيها من حيث قابليتها للنشر أم لا، يتم اتباع أحد ثلاثة طرق.
الطريقة الأولى ألا يعرف الباحثون والمراجعون أسماء بعضهم البعض. أما الطريقة
الثانية فهي أن يعرف المراجعون فقط أسماء الباحثين والطريقة الأخرة هي أن الفريقين
يعرف كل منهما الآخر.
المصادر
1.
أشرف حسين محروس، قاعة
بحث: دراسة تطبيقية، كلية الآداب - جامعة المنوفية، شبين الكوم، 2008.
2.
أحمد شلبي، كيف تكتب
بحثاً أو رسالة: دراسة منهجية لكتابة البحوث وإعداد رسائل الماجستير والدكتوراة، مكتبة
النهضة المصرية، القاهرة، 1976.
3.
عبد الرحمن بدوي، مناهج
البحث العلمي، وكالة محاضرات في مناهج البحث والمكتبات، وكالة المطبوعات، الكويت،
1977.
4.
دليل فراسكاتي: الممارسة
القياسية المقترحة للدراسات الاستقصائية للبحث والتنمية التجريبية، الطبعةالسادسة).
27 مايو 2012 نسخة محفوظة 24 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
5.
الحيزان،محمد عبدالعزيز.البحوث
الاعلامية.الرياض،1431
6.
ج. سكوت أرمسترونغ
وسولبرغ الأقران (1968). "في تفسير عامل تحليل". نشرة العلوم النفسية
70: 361-364
7.
تروخم، و.م.ك. مجموعة
معرفة أساليب البحث (2006)
8.
كريسويل، ج.و.
(2008). البحث التربوي: التخطيط والإدارة، تقييم والبحث الكمي والنوعي (3). أبر سادل
ريفر، نيو جيرسي: برنتس هول. 2008 ISBN 0-13-613550-1 (صفحات 8-9)
تعليقات
إرسال تعليق