المالية العامة Public Finance
أولا: مفهوم المالية العامة:
يمكن تعريف المالية العامة بأنها:
العلم الذي يدرس النشاطات المالية الحكومية المتعلقة
بتحديد حجم الأموال المطلوب إنفاقها لإشباع الحاجات العامة، وكيفية الحصول عليها
وأنفاقها بكفاءة وفاعلية). وعلية فأن المالية العامة تتعلق بالآتي:
١- النشاطات المالية الحكومية:
وتتمثل بعمليات تحصيل الأموال من مصادرها المختلفة
وإعادة إنفاقها في المجالات المخصصة لها.
٢- الحاجات العامة:
هي الحاجات المتعلقة بالمجتمع ككل وليس بفرد واحد أو
مجموعة صغيرة فقط من الأفراد، من مثل (الحاجات الأمنية والصحية والتعليمية
وغيرها).
ثانيا: الموازنة العامة Public Budget
1- مفهوم الموازنة العامة
يمكن تعريف الموازنة العامة بأنها:
تقدير مفصل ومعتمد لنفقات الدولة وإيراداتها لفترة
زمنية لاحقة، عادة ما تكون سنة واحدة، وتحتاج إلى الإقرار من الجهة المخولة في
الدولة لتصبح قابلة للتنفيذ.
وتعد الموازنة العامة واحدة من أهم الوثائق الحكومية
لأنها تعكس سياسات الحكومة في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والخدمية،
ويرتبط إعداد الموازنة بعدة مجالات علمية متخصصة كالاقتصاد والإدارة المالية
والمالية العامة والتخطيط والقانون والمحاسبة، فضلاً عن المجالات السياسة، وعادة
ما تصدر الموازنة بقانون خاص يسمى قانون الموازنة العامة للدولة .
2- مبادئ الموازنة العامة
هناك مجموعة من المبادئ التي تم الاتفاق عليها ما بين
الكتاب والباحثين ،والتي يجب أن تتصف بها الموازنة العامة للدولة لكي تؤدي الغرض
المطلوب منها، وسوف نستعرض هنا هذه المبادئ باختصار:
1.
سنوية الموازنة:
عادة ما يتم إعداد الموازنة العامة للدولة على أساس فترة سنة واحدة، ولكن
هذا لا يمنع من إمكانية إعداد الموازنة العامة لفترات أقل من سنة واحدة،أو لأكثر
من سنة واحدة، كما في الخطط الخمسية والخطط طويلة الأجل.
2.
شمول الموازنة:
أي أن الموازنة العامة يجب أن تشمل جميع إيرادات
الحكومة ونفقاتها ،فلا يتم أي صرف للحكومة
خارج الموازنة العامة، ولا يتحقق أي إيراد لها إلا ويدرج ضمن الموازنة. ويتطلب ذلك
الإفصاح والشفافية من قبل الأجهزة الحكومية .
3.
شيوع الموازنة:
أي أن لا يخصص إيراد معين لخدمة معينة أو لنشاط بالذات، إذ تكون الإيرادات
في جانب والمصروفات في جانب آخر.
4.
وحدة الموازنة:
أي أن تكون للدولة موازنة واحدة تحتوي على كافة النفقات وكافة الإيرادات
،وهذا لا يعني عدم إمكانية وجود موازنات متعددة ضمن الدولة الواحدة، إلا أنه يعني
بالضرورة وجود موازنة واحدة تجمع كل الموازنات المتعددة أن وجدت.
5.
شفافية الموازنة:
أي أن تتسم الموازنة بالوضوح الكافي الذي يمكن من فهم محتوياتها، سواء
بالنسبة لممثلي الشعب أو للقائمين بتنفيذها أو غيرهم من المهتمين بدراستها .ً
6.
دقة الموازنة:
أي أن تتسم تقديرات الموارد والاستخدامات بالدقة
الكبيرة والواقعية في كافة المجالات. ز- مرونة الموازنة:
أي السهولة في تنفيذها ومراعاة مواجهة كافة الاحتمالات
خلال السنة المالية وإمكانية مواجهة الظروف الطارئة، من خلال السماح بمناقلة
التخصيصات بين أبواب الصرف المختلفة. ح توازن الموازنة:
ويعني أن الأساس هو أن تكون نفقات الحكومة مساوية تماما
لإيراداتها، إلا أنه من الصعب جدا الالتزام بهذا المبدأ، إذ أنه غالبا ما يكون
هناك أما عجز في الموازنة ناتج عن زيادة النفقات على الإيرادات أو فائض ناتج عن
زيادة الإيرادات على النفقات.
3- عناصر الموازنة العامة
لكل موازنة عنصرين أساسيين هما:
أ-
الإيرادات العامة
ب-
النفقات العامة
والفرق بينهما هو الفائض المالي، والذي يتحقق
عندما تكون الإيرادات العامة أكبر من النفقات العامة أو العجز المالي،
والذي يتحقق في الحالة المعاكسة أي عندما تكون الإيرادات العامة أقل من النفقات
العامة، وسوف نستعرض في الفقرات اللاحقة هذين العنصرين بشيء من التفصيل.
4- أهداف الموازنة
يستلزم عند أعداد الموازنة تحقيق الأهداف الآتية:
أ-
تقليل أو سد العجز
في الموازنة ،إن تستهدف الموازنة خفض مستويات العجز
فيها أو القضاء عليه، وعدم التفكير في أحداث عجز جديد،
لأن هذا العجز أما يمول بالاقتراض الداخلي أو الخارجي .
ب-
تشجيع الصناعات
المحلية وتكوين البنية الأساسية للهيكل الاقتصادي،
وهنا تركز الموازنة على إنعاش الصناعات المحلية والسعي
لتقوية الهيكل الاقتصادي وتعديل الاختلال الحاصل فيه.
ت-
زيادة الرفاهية
لأفراد المجتمع ككل، إن تستهدف الموازنة التوسع في الخدمات
العامة لرفع رفاهية السكان .
ث-
ضبط وترشيد
الإنفاق العام، من أولويات الموازنة هو ضبط الأنفاق العام وترشيده
بصورة فعلية فيما يخص الحاجات العامة للسكان .
ج-
تخفيض آثار
التضخم، إن لا تؤدي الموازنة إلى زيادة في عرض النقد يكون من
نتائجها رفع معدلات التضخم في الاقتصاد.
ح-
تنمية موارد
الدولة الذاتية، وفي هذا يتم الاهتمام بتمويل المشروعات التي تساهم
بصورة مباشرة أو غير مباشرة بتنمية الإيرادات الحكومية .
خ-
تحديد أنواع
البرامج والخدمات ذات الأولوية ،يتم التركيز على المشروعات التي
تخدم أكثر عدد من السكان وتتسم بالديمومة.
ثالثاً: الإيرادات العامة Public Revenue
1.
تعريف الإيرادات العامة
كافة الأموال التي تقوم الحكومة أو أحد هيئاتها
بتحصيلها من مصادرها المختلفة لأغراض تخصيصها للإنفاق العام.
2.
مصادر الإيرادات العامة
هناك العديد من المصادر التي يمكن للحكومة أن تحصل من
خلالها على الإيرادات العامة، ويمكن تحديد أهم هذه المصادر كما يلي:
أ-
عائدات ممتلكات
الدولة الدومين: هي عبارة عن عوائد الأموال المنقولة والعقارية
التي تملكها الدولة ملكية عامة، وتقوم بتأجيرها إلى الأفراد والمؤسسات مثل الأراضي
سواء أكانت أراضي زراعية أو غير ذلك، أو الأبنية والساحات … الخ.
ب-
الضرائب والرسوم: هي
الإيرادات التي تحصل عليها الدولة من ضرائب مفروضة على جهات محددة، مثل ضريبة
الدخل وضريبة المبيعات إلى جانب الرسوم المفروضة على مجموعة من النشاطات
الاقتصادية، مثل رسوم الطابع والضرائب الجمركية وغيرها، وفي بعض الدول تفرض الرسوم على استخدام الطرق
السريعة والجسور الهامة أو زيارة الحدائق والمتاحف العامة وغيرها، ويكون الهدف من
ذلك الرغبة في تنظيم استعمال الأفراد لها بجانب ما تشكله من مصدر للايرادات وحماية
المنتجات المحلية.
ت-
الموارد الطبيعية
والتعدين: تتمثل بما تحصل عليه الحكومة من موارد مالية من المصادر
الطبيعية ذات الملكية العامة، ومن أهمها النفط والغاز والمعادن الثمينة كالذهب
والفضة والنحاس وغيرها من الموارد كالفحم الحجري، وفي العراق تأتي معظم الإيرادات
العامة من أنتاج وبيع النفط، وبهذا فهو مصدر التمويل الرئيس للموازنة العامة
للدولة.
3.
الآثار الاقتصادية للإيرادات
العامة
تهدف السياسة الاقتصادية إلى استخدام الإيرادات العامة لتحقيق أغراض عدة
منها:
1.
غرض اجتماعي- توزيعي:
والذي يتمثل بالأخذ من دخول الأغنياء، وتوجيهها إلى
مشروعات تخدم الفقراء، وهنا يتم إعادة توزيع الدخل القومي لصالح تحقيق شيء من
العدالة.
2.
غرض اقتصادي:
ويهدف إلى تمويل مشروعات تخدم الاقتصاد القومي كمشروعات
البنى التحتية، أو إقامة مشروعات لا يقدم القطاع الخاص على القيام بها، أما
لارتفاع المخاطرة فيها أو لعدم قدرته على تمويلها .
3.
غرض نقدي:
ويتمثل بخفض القدرة الشرائية المتاحة للأفراد، أي خفض
الطلب الكلي بغية كبح التوجهات التضخمية والمحافظة على قيمة النقود .
رابعاً: النفقات العامة Public Expenditure
تعريف النفقات العامة:
هي كافة المبالغ النقدية التي تقوم الدولة بأنفاقها
بهدف إشباع الحاجات العامة.
1- مجالات الأنفاق العام
تختلف مجالات الأنفاق في مختلف الدول تبعاً لفلسفة النظام الاقتصادي فيها
،فالبلدان التي تنتهج النموذج الرأسمالي والتي يشكل القطاع الخاص فيها القطاع
الرئيس، يقوم هذا القطاع بالكثير من
المشروعات على أساس الحصول على عوائد نتيجة استخدامها من مثل المدارس – المستشفيات
– محطات الكهرباء - الجامعات، فيما لا يقوم بمشروعات أخرى من مثل الطرق والجسور
ومشروعات الصرف الصحي وغيرها، وفي العراق وبسبب من طبيعة الاقتصاد العراقي اقتصاد ريعي- اقتصاد يعتمد على ريع النفط وحيد الجانب، ويعتمد على النفط كمصدر لتمويل كل
الأنشطة الحياتية للمجتمع، فأن أغلب المشروعات تقوم بها مؤسسات الدولة ومنها:
أ- الأنفاق على البنى التحتية في الاقتصاد والتي تشكل
أهمية كبيرة للمجتمع من مثل:
-
الطرق والجسور
-
المدارس ورياض الأطفال
-
محطات الكهرباء
-
السكك الحديدية
-
الموانئ
-
المطارات
ب- الإنفاق على القضاء والمحاكم والسجون
جـ- الإنفاق
على قطاع التعليم العالي والبحث العلمي .
د- الإنفاق على
الصحة المستشفيات والمراكز الصحية هـ- الإنفاق على الأمن والدفاع.
و- الإنفاق على التأمينات الاجتماعية دور العجزة وكبار السن، دور الأيتام، الأرامل، المعوقين.
ز- الإنفاق على حماية البيئة
2- الآثار الاقتصادية للنفقات العامة
يشكل الأنفاق العام أهمية كبيرة في الاقتصادات
المعاصرة، سواء أكانت متقدمة أم نامية، وتختلف كفاءة استخدام الأنفاق العام تبعاً
للوجهة التي يذهب إليها هذا الأنفاق، بجانب كفاءة نظم الرقابة والمحاسبة، إلا أن
لا مفر من استخدامه حتى في ظل الاقتصادات الرأسمالية المتقدمة، نتيجة وجود وظائف
للدولة لا بد أن تقوم بها، لهذا تطال أثاره مجالات عدة وهي:
أ-
الدخل القومي
في ظروف التقلبات الاقتصادية تظهر أهمية الأنفاق الحكومي، والذي يضطلع
بتحريك الاقتصاد وتنشيطه، ففي الأزمة الاقتصادية التي حدثت عام 1929
في الولايات المتحدة وانتشرت لتضرب اقتصادات أوربا الغربية بقوة، لم يكن ممكناً
الخروج منها إلا بتدخل الدولة عبر الأنفاق الحكومي، لزيادة الطلب الكلي في
الاقتصاد، فالأنفاق هنا يعني إيجاد دخول للأفراد، وهو ما يدفعهم لشراء السلع
والخدمات من الأسواق، مما يحفز المعامل والمنشآت إلى طلب عناصر الإنتاج .
ب-
الاستخدام التشغيل
يساعد الأنفاق العام على توفير فرص عمل جديدة، مما يرفع
من مستوى الاستخدام في الاقتصاد تبعاً لحجم هذا الأنفاق، إذ أن هذا الأنفاق سوف
يترتب عليه تشغيل الأفراد بصورة مباشرة، كما في سياسات الإشغال العامة، أو بصورة
غير مباشرة عن طريق الطلب الحكومي على بعض سلع وخدمات القطاع الخاص ،وهو ما يترتب
عليه زيادة الطلب على عناصر الإنتاج فيزداد استخدامها.
ت-
الإنتاج
من أولى مهام الدولة هو الأنفاق على توفير الاستقرار
والأمن وسيادة القانون، وهذه العوامل جميعها توفر بيئة داعمة للمنتجين على زيادة
الإنتاج والقيام بالاستثمارات، ومن دون ذلك لا يمكن لأصحاب المشروعات الاطمئنان
على سلامة ملكيتهم الخاصة.
المصادر
1.
رشيد حيمران -
مبادئ الاقتصاد و عوامل التنمية في الإسلام-دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع -
الجزائر2003.
2.
محمد نور -تحليل
النظام الإسلامي - سلسلة دراسات في الإسلام ، إصدار المجلس الأعلى للشؤون
الإسلامية - مصر ، ص ( 92، 93).
3.
يوسف القرضاوي فقه
الزكاة ، مؤسسة الرسالة - القاهرة مصر ، الطبعة السابعة ، سنة ،2001
4.
خبابة عبد الله، الاقتصاد
المصرفي - مؤسسة شباب الجامعة الاسكندرية 2008.
5.
محمود حسن وكاضم
جاسم العيساوي، الاقتصاد الكلي تحليل نظري وتطبيقي، الميسرة للنشر والتوزيع، عمان،
الأردن، 2007.
6.
محمد عزت عزلان ،
اقتصاديات النقود والمصارف، ط1، دار النهضة العربية، بيروت .2002
7.
غازي حسين عناية،
التضخم المالي، مؤسسة شباب الجامعة الإسكندرية، مصر2004.
تعليقات
إرسال تعليق