النقود Money
مما لاشك فيه أن النقود تمثل أهم الاختراعات البشرية،
فلولاها لما أمكن تحقيق هذا التقدم الهائل في عمليات المتاجرة المحلية والدولية،
وبالتالي السماح بالتطور الصناعي الهائل في مناطق الإنتاج للسلع والخدمات، ونقلها
إلى مناطق الاستهلاك عن طريق مبادلتها بالنقود، ولو نظرنا إلى حياتنا اليوم،
لوجدنا بأن النقود تؤدي دوراً أساسياً في كل زوايا الحياة وكل عملياتنا اليومية،
فلو أردنا الحصول على سلعة أو منتوج معين، فإننا يجب أن ندفع قيمته على شكل نقود
،ولو أردنا الحصول على خدمة معينة كالنقل أو الرعاية الصحية أو الترفيه، فإننا
أيضاً سندفع قيمتها عن طريق النقود، وعليه فقد أصبحت النقود وسيلة التبادل
الأساسية في المجتمعات المختلفة، وبدونها فأن الحياة ستكون شبة معطلة.
أولاً: تعريف النقود وخصائصها
تعريف النقود
تختلف وجهات النظر الاقتصادية بخصوص مفهوم النقود من
مدرسة إلى أخرى، ولكن على العموم يمكن تعريف النقود بأنها:
الشيء الذي يلقى قبولاً عاماً كوسيط للتبادل ويستخدم
مقياساً للقيمة ومستودعاً لها
خصائص النقود
أ-
القبول العام من
الجمهور باعتبارها أداة لتبادل السلع والخدمات في السوق.
ب-
قدرتها على ترجمة
قيمة السلع والخدمات إلى قيمة نقدية.
ت-
سهولة خزنها
وإعادة استخدامها لاحقاً.
ث-
تميزها بسهولة
الحمل وعدم القابلية للتلف بسهولة، فضلاً عن قابلية تجزئتها ومبادلتها.
ثانياً: وظائف النقود
هناك عدد من الوظائف الأساسية للنقود التي تتمثل بما
يلي:
1.
وسيلة للتبادل:
أي أن النقود تستخدم أساساً لإجراء المبادلات التجارية
المختلفة، فيتم تسديد قيمة السلع التي نشتريها والخدمات التي نحصل عليها بواسطة
النقود.
2.
مقياس للقيمة:
يمكن استخدام النقود كمقياس مقبول للقيمة من خلال معرفة
الأسعار النسبية لكل سلعة أو خدمة عن طريق مقارنتها بقيمة النقود التي تمثل سعرها
أي أن النقود ستمثل وحدة الحساب السهلة والواضحة لقياس قيمة السلع والخدمات
المختلفة.
3.
مخزن للقيمة:
ينظر البعض للنقود باعتبارها مخزناً للقيمة والثروة، أي
أنه يمكن الاحتفاظ بالنقود وخزنها الآن لغرض استخدامها في المستقبل للحصول على
السلع والخدمات المطلوبة.
ثالثاً: مراحل تطور النقود:
لم تظهر النقود بصورتها الحالية بصورة مفاجئة أو على
شكل دفعة واحدة ،وإنما تطورت على مراحل عبر التاريخ لتصل إلى ما وصلت إليه على
شكلها الحالي، ويمكن تقسيم مراحل تطور النقود إلى خمس مراحل أساسية كما يلي:
1.
مرحلة المقايضة
قبل أن يخترع الإنسان النقود كانت عملية الحصول على
السلع الغذائية والحيوانية على الخصوص ،
تتم بطريقة المقايضة والتي تعني مبادلة سلعة بسلعة أخرى، إذ يتم مبادلة القمح
مثلاً بوزن معين بالمواشي والألبسة أو تقديمه كأجور للعمل.
2.
مرحلة النقود السلعية
مع تطور النظام الاقتصادي وتوسعه وازدياد الحاجة إلى
السلع المنتجة والمواد من مجتمعات أخرى، ونتيجة تعثر نظام المقايضة ظهرت إلى
الوجود ما يمكن أن يطلق عليها بالنقود السلعية، وهي مجموعة من السلع ذات الاستخدام
العام والمفيد لكل قطاعات المجتمع، بحيث يمكن استخدامها كوسيلة لمبادلة كل أنواع
السلع والخدمات الأخرى، فأصبح الصوف والقمح وبعض المعادن تستخدم بشكل واسع، بعدها
السلع الأكثر رواجاً في المجتمعات الزراعية.
3.
مرحلة المعادن النفيسة
رافقت استخدام السلع كوسيط للتبادل العديد من المشاكل
من بينها عجزها عن مسايرة تطور الحياة البشرية التي تعددت مجتمعاتها، وكانت كلها
في حاجة إلى سلعة معينة تلقى قبولاً عاماً، لاستخدامها كوسيط في تسهيل عملية
المبادلة ،فقد اهتدى الإنسان إلى المعادن النفيسة من ذهب وفضة ونحاس، التي أصبح
استخدامها كوسيط للتبادل يحظى بالقبول، وانتشر التعامل بها حقبةً من الزمن في شكل
سبائك وقطع مسكوكة، وكان التعامل يتم على أساس الوزن، إذ يتم شراء السلع المختلفة
بأوزان مختلفة من كل معدن، تبعاً لقيمة ذلك المعدن وندرته، إلا أن هذه النقود عانت
أيضاً من بعض العيوب، مثل ندرة المعادن وإمكانية غش نوعيتها واختلاف أوزانها .
4.
مرحلة النقود المعدنية
المسكوكة
نظراً للتطور الكبير الذي شهدته المجتمعات وظهور
السلطات العامة، فقد بدأ تدخل هذه السلطات في عمليات البيع والشراء ودفع النقود،
ومن أجل الحفاظ على سلامة المجتمعات والقضاء على عمليات الغش والتلاعب، لجأت هذه
السلطات إلى عملية سك المعادن بأوزان محددة ونوعيات محددة وختمها بأختام خاصة
لضمان استخدامها بصورة آمنه من قبل الجميع، وبذلك ظهرت النقود المعدنية المسكوكة
من ذهب وفضة ونحاس، بطريقة قابلة للعد والتبادل بصورة أفضل ،لقابليتها على الحمل
والحفظ والخزن بسهولة .
5.
النقود الورقية
استمرت النقود المعدنية المسكوكة فترة طويلة من الزمن
باعتبارها الوسيلة الأفضل للتبادل والقيام بالعمليات التجارية الضخمة، إلا أنه ومع
التوسع الكبير في عمليات الإنتاج والمتاجرة وظهور الصفقات التجارية الكبيرة
والتجارة الدولية وللحاجة الكبيرة إلى حجم أكبر من النقود المعدنية النادرة فقد
لجأ بعض التجار إلى إصدار صكوك الدين المضمونة بالمعادن النفيسة، وذلك من خلال
قيام بعض التجار الكبار بإقراض المحتاجين إلى نقود وكتابة صكوك ضمان تثبت قيمة
الدين وتاريخ إعادته ومعلومات أخرى ولتوسع هذه العمليات أصبح بالإمكان التداول
ببعض أنواع هذه الصكوك المضمونة من قبل التجار حيث يتحول الدين من طرف إلى طرف أخر
من خلال هذه الصكوك التي مثلت الصورة الأولى للنقود الورقية المعروفة حالياً،
وبمرور الوقت ومع تطور الدول والمجتمعات بدأت عمليات الإصدار النقدي الواسع للنقود
الورقية، التي تمثل صكوكاً واسعة الانتشار مضمونه من قبل الحكومات، وتمثل قيمتها
قيمة محددة من الذهب عادة وهي النقود المتعارف عليها حالياً.
المصادر
1.
رشيد حيمران -
مبادئ الاقتصاد و عوامل التنمية في الإسلام-دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع -
الجزائر2003.
2.
محمد نور -تحليل
النظام الإسلامي - سلسلة دراسات في الإسلام ، إصدار المجلس الأعلى للشؤون
الإسلامية - مصر ، ص ( 92، 93).
3.
يوسف القرضاوي فقه
الزكاة ، مؤسسة الرسالة - القاهرة مصر ، الطبعة السابعة ، سنة ،2001
4.
خبابة عبد الله، الاقتصاد
المصرفي - مؤسسة شباب الجامعة الاسكندرية 2008.
5.
محمود حسن وكاضم
جاسم العيساوي، الاقتصاد الكلي تحليل نظري وتطبيقي، الميسرة للنشر والتوزيع، عمان،
الأردن، 2007.
6.
محمد عزت عزلان ،
اقتصاديات النقود والمصارف، ط1، دار النهضة العربية، بيروت .2002
7.
غازي حسين عناية،
التضخم المالي، مؤسسة شباب الجامعة الإسكندرية، مصر2004.
تعليقات
إرسال تعليق