التجارة الخارجية Foreign Trade
أولاً: نشأة العلاقات التجارية الدولية وأهميتها:
1- نشأة العلاقات التجارية الدولية
نشأت التجارة الدولية الخارجية بين المناطق المختلفة في العالم في عهود سحيقة،
نتيجة فيض الإنتاج الزيادة عن الحاجة في
المناطق المنتجة وشحتها نقصها في مناطق أخرى ، ومن دون هذا الفائض لا يمكن
للتجارة أن تتحقق فعلاً، ووردت في حضارة بابل والعراق عموماً والحضارة الفرعونية،
إشارات عديدة تؤكد قيام التجارة آنذاك، فقد كانت حضارة بابل تتاجر مع آسيا الوسطى
للحصول على الحجر الأزرق الذي كان يعده البابليون طارداً للأرواح الشريرة ،ويجلبون
الخشب الذي يزينون به المعابد من تركيا ولبنان، والحديد من جزيرة كريت الحالية،
ويذهب التجار البابليون إلى دلمون دولة البحرين الآن لجلب عيون السمك اللؤلؤ ، كما أدت بابل دوراً في إعادة التصدير
مع الحضارة الفرعونية، إذ كانت تستورد من آسيا الوسطى وبلاد فارس ثم تعيد تصديرها
إلى مصر الفرعونية. وعندما تكون التجارة قائمة يتطلب الأمر وجود النقود لتسهيل
عملية التبادل بين السلع المختلفة، لذلك قامت التجارة في الحضارات القديمة على
اختيار سلعة معينة للقيام بهذا الدور، فقد اختار البابليون في مرحلة تاريخية الشعير كسلعة وسيطة للقياس عليها في المبادلة، ومن ثم
اختاروا عملة معدنية حوالي 3500 ق.م.
ثم تطورت التجارة بين البلدان فظهر طريق الحرير الذي هو
أشهر مدلولات انتقال السلع والمواد من الصين والهند وأواسط آسيا إلى بلاد العرب
لتصل إلى المدن الساحلية على البحر المتوسط، ثم يتم نقلها إلى أوربا. ووجد في أثار
مملكة تدمر في سوريا ما هو أقرب الآن إلى ما نطلق عليه الميزان التجاري ، الذي يبين حجم الصادرات
والواردات، إذ كانت في هذه المملكة قيود على السلع التي تصدرها المملكة إلى
الممالك الأخرى وما تجلبه منها .
وهكذا بتطور وسائط النقل المختلفة تزايد انتقال السلع
بين المناطق والدول ،ومع انتقال أوربا من المرحلة الإقطاعية العصور الوسطى إلى عصر الرأسمالية التجارية في ظل الاستكشافات
الجغرافية، خطت التجارة الخارجية خطوة كبيرة قائمة على معطيين هما:
الأول: الانتظام في انتقال السلع من أوربا إلى الشرق
وبالعكس.
الثاني: التنظير الفكري لأهمية التجارة سواء في مجال
الثروة أم في مجال التطور الاقتصادي، حتى عدت محركاً للنمو .
Engine Of Growth
2- أهمية التجارة الخارجية
في عالم تتسارع فيه التكنولوجيا والمعلومات بشكل غير
مسبوق في كل تاريخ البشرية، أضحى الترابط فيه ترابطاً كبيراً يكاد يكون العالم في
ظله قرية صغيرة، وهو ما وسع من انتقال السلع والخدمات بصورة أكبر مما كان .
ومسببات قيام التجارة هي:
أ-
عدم قدرة أي دولة
مهما بلغت من إمكانات تكنولوجية من تأمين كافة متطلباتها محلياً.
ب-
الاختلاف في
التوزيع الجغرافي للموارد على الأرض.
ت-
الاختلاف في
تكاليف نفقات إنتاج السلع المختلفة، فهناك دول لديها القدرة
على أنتاج سلعة ما ولكن بتكاليف عالية، فيما تنتجها دولة أخرى بتكاليف أقل، وهو ما
يعني اختلاف الكلفة في الإنتاج. وهو ما دفع اقتصادات العالم للتخصص Specialization وتقسيم العمل . Division of Labor
ث-
حاجة الدول إلى
إدامة العلاقات الاقتصادية فيما بينها لاعتبارات سياسية، إذ أضحت السياسة في خدمة
الاقتصاد.
ج-
لم تعد مكانة
الدولة وقوتها تقتصر على حجم الجيش والسلاح فقط أو القدرات البشرية عدد السكان ، بل تجاوز ذلك إلى الإمكانات
الاقتصادية والعلمية والتكنولوجية .
ولهذا نلاحظ سعي مختلف بلدان العالم إلى إنشاء اتحادات
أو تكتلات اقتصادية أو عقد اتفاقات ثنائية أو متعددة الأطراف لغرض توسيع الأسواق
أمام تجارتها .
ثانياً: الميزان التجاري وميزان المدفوعات وسعر الصرف
1.
الميزان التجاري Balance of Trade
سجل نظامي للصفقات المتعلقة بالسلع المتبادلة بين
المقيمين في بلد معين من جهة، والمقيمين في بقية بلدان العالم من جهة أخرى في مدة
معينة ،أصطلح على أن تكون سنة.
ويوضح الميزان التجاري الفرق بين قيمة ما يصدره البلد
إلى الخارج وبين ما يدفعه نظير وارداته، فإذا كانت قيمة الصادرات أكبر من قيمة
الواردات يسجل الميزان التجاري فائضاً، وعلى العكس إذ زادت قيمة الواردات على قيمة
الصادرات فإن الميزان التجاري يسجل عجزاً. لذلك تسعى الدول إلى أن تحصل على فائض
في موازينها التجارية.
2.
ميزان المدفوعات Balance of Payment
هو سجل يختصر المعاملات الاقتصادية في جوانبها التجارية
والنقدية والمالية، بين الاقتصاد الوطني والعالم الخارجي سواء أكانوا حكومات–
أفراد –شركات خلال سنة، ويعد مرآة ومؤشر للتعريف بالمركز الاقتصادي للبلد في
الاقتصاد العالمي .
ويتضمن ميزان المدفوعات ما يدفع للخارج أو يستلم منه
نتيجة شراء أو بيع السلع وتسمى الفقرات
المنظورة ، بينما تسجل الخدمات ومدفوعاتها ب الفقرات غير المنظورة ،
فضلاً عن معاملات رأس المال وحركات الذهب .
ويكون أعداد ميزان المدفوعات على مبدأ القيد المزدوج،
مما يجعله من الناحية المحاسبية متوازناً أي جانب دائن إيجابي تندرج تحته كافة المعاملات التي تحصل الدولة من
خلالها على إيرادات من العالم الخارجي،
وجانب مدين سلبي تنطوي تحته جميع المعاملات التي تؤدي الدولة من
خلالها مدفوعات العالم الخارجي.ً
3.
سعر الصرف Exchange Rate
و هو نسبة مبادلة العملة بالعملات الأخرى، أو ثمن عملة
بوحدات من عمله أخرى وطالما أن العملة هي وسيلة لتسهيل المبادلة، فمن الضروري
معرفة قيم السلع التي يراد استيرادها أو تصديرها من وإلى مختلف الدول، التي لكل
دولة منها عملتها الوطنية، وبما أن كل عملية تبادل اقتصادي تتطلب الدفع، وهو ما
يتطلب تحويل العملة المحلية إلى ما يساويها من العملة الدولية.
الدولار فمثلا سعر صرف الدينار مقابل الدولار رسميا هو
(۱۲۰۰ :۱)، أي أن كل (۱۲۰۰) دینار تساوي
(1) دولار، هذا السعر هو سعر محدد مسبقا من قبل البنك المركزي، كما أن هناك سعر يتحدد
على وفق آلية العرض والطلب في سوق الصرف، وهذا السعر يسمى بالسعر الحقيقي) كونه
يتحدد وفق آلية السوق، وهذا السعر قابل للتغير بحسب حركة السوق العرض والطلب على
الدولار، والشكل التالي يبين تحديد سعر الصرف التوازني في السوق.
كما أن هناك
أنواع عدة من أسعار الصرف منها سعر الصرف
المعوم أو الحر ، والذي لا يحدث أي تدخل من جانب الدولة أو البنك المركزي في
تحديده ،و سعر الصرف المدار هو: السعر الذي يتدخل البنك المركزي جزئياً في
تحديده، من خلال عرض كميات من الدولار في السوق بسعر أقل من السعر المتحقق فيه ،
بغية خفض مستويات سعر صرفه، وضبط حركته في حدود معينة.
ثالثاً: السياسة التجارية Trade Policy
1.
تعريف السياسة التجارية
هي
المنهج أو الخطوط الإرشادية العامة التي يتم اعتمادها لتنظيم وإدارة شؤون تجارة
الدولة الداخلية والخارجية.
2.
أدوات السياسة التجارية
وترتكز السياسة التجارية على مجموعة من الأدوات التي تسمى أدوات السياسة التجارية ، والتي من شأنها ضبط
وتنظيم التدفقات التجارية من وإلى البلد وهي:
أ- التعريفة الجمركية Tariffs
هي ضريبة تفرضها الحكومة على سلع محددة معينة بهدف زيادة الإيرادات أو بقصد حماية
المنتجات الوطنية الإنتاج المحلي ، أو
لأهداف اجتماعية أو صحية أو سياسية، وقد تستهدف أنواعاً من السلع بقصد رفع سعرها
في الأسواق مما يؤدي إلى انخفاض استهلاكها، أو تفرض على القيمة النقدية للسلع
المستوردة ،ولأسباب مالية أو صحية أو اجتماعية تفرض
ضرائب غير مباشرة تسمى ضرائب الإنتاج أو المبيعات
كالمشروبات– السكائر- العطور-
السيارات
الفاخرة ... الخ بغض النظر عن زيادة الإيرادات العامة، أو يتم
فرض الضرائب الجمركية على بعض من السلع من مثل المنتجات الزراعية وبعض المنتجات
الصناعية من أجل حماية المنتج المحلي منها. كون الضرائب الجمركية ترفع
أسعارها في السوق، وهو ما يدفع المنتجين إلى أنتاجها.
لذلك يتحول الكثير من المستهلكين من السلع المستوردة إلى السلع المحلية
ب- نظام الحصص Quotas
يمثل نظام الحصص قيد کمي مباشر
ويأخذ شكلين أساسيين هما: شكل كمي بالأوزان من مثل (السماح باستيراد ۳۰۰۰۰۰) طن من
الحنطة الاسترالية، أو شكل كمي نقدي، من مثل استيراد منتجات كيمياوية بمقدار (100) مليون
دولار. هذا التقييد الكمي يفيد في العلاقات التجارية الثنائية أو لغرض دعم ميزان
المدفوعات.
ج- الإغراق Dumping
يعني الإغراق بيع السلعة في بعض الأسواق الخارجية بأقل
من تكلفتها أو سعرها في داخل بلد الإنتاج (المنشأ) وهذا يعود إلى أسباب عدة -
التخلص من الفائض من سلعة معينة لعدم أمكانية تصريف كمياتها إلا بخفض
أسعارها، وهذا يسمى الإغراق الوقتي. - يستخدم الإغراق
من أجل استبعاد منافسين آخرين لغرض إخراجهم من السوق.
المصادر
1.
رشيد حيمران -
مبادئ الاقتصاد و عوامل التنمية في الإسلام-دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع -
الجزائر2003.
2.
محمد نور -تحليل
النظام الإسلامي - سلسلة دراسات في الإسلام ، إصدار المجلس الأعلى للشؤون
الإسلامية - مصر ، ص ( 92، 93).
3.
يوسف القرضاوي فقه
الزكاة ، مؤسسة الرسالة - القاهرة مصر ، الطبعة السابعة ، سنة ،2001
4.
خبابة عبد الله، الاقتصاد
المصرفي - مؤسسة شباب الجامعة الاسكندرية 2008.
5.
محمود حسن وكاضم
جاسم العيساوي، الاقتصاد الكلي تحليل نظري وتطبيقي، الميسرة للنشر والتوزيع، عمان،
الأردن، 2007.
6.
محمد عزت عزلان ،
اقتصاديات النقود والمصارف، ط1، دار النهضة العربية، بيروت .2002
7.
غازي حسين عناية،
التضخم المالي، مؤسسة شباب الجامعة الإسكندرية، مصر2004.
تعليقات
إرسال تعليق