7 نصائح للقيام ببحث علمي Scientific Research
بعد
أن تعرفنا على الهدف من الدراسة ما بعد الجامعية وعلى مهنة البحث العلمي على وجه
التحديد وتطرقنا إلى الحياة داخل المعمل ودور العلماء والباحثين في حل المشكلات.
نقدم مجموعة من النصائح التي ينبغي على الباحث أن يذكِّر نفسه بها دائمًا، وقد
جعلناها سبع نصائح بعدد أيام الأسبوع كي تسْهُل المداومة عليها. البحث العلمي طريق
شاق يحتاج من الباحث أن يظل محافظًا على هدوئه حتى النهاية، والهدوء مصاحب للسبع
نصائح للقيام بالبحث العلمي، فدراسة الدكتوراه مثلًا تحتاج على الأقل ثلاث سنوات،
وإذا لم يتعلم الطالب فيها جيدًا كيفية التحكم في التوتر والقلق، فسيؤثر هذا عليه
وعلى بحثه تأثرًا سلبيا كبرا .
1. كن مُتحَمِسًا:
غالبًا ما يكون الباحث متحمسًا في البداية، فالغالبية
تبدأ بحماسة كبرة وخطط مُسبقة لما يجب القيام به من تجارب .بل يرسم أكثرية الطلاب
مسارا زمنيًا متوقَّـعًا لابتداء وانتهاء البحث وكتابته ونشره والحصول على الدرجة
في غضون سنتين أو ثلاث على الأكثر. ولكن ما يحدث في الواقع، أنه ومع ظهور عقبات لم
تكن في الحسبان، وخروج نتائج تخالف ما افتُرض مسبقًا، يصيب الباحث شيءٌ من فقدان
الحماسة للبحث.
الفتور سبب آخر لفقدان الحماسة لدى الباحث،
نظرًا لكونه صار معتادًا على ما بات يفعله لمرات كثرة بشكل يومي، فمن الطبيعي أن
يقل الحماس مع الوقت. لذا، عليك بالتروِّي وتوزيع الجهد المبذول على الوقت المتاح
لك كي لا تنفد حماستك، فمَنْ يبدأ دراسته بحماسة زائدة عن الحد المطلوب ودون أخذ
القسط الكافي من الراحة، قد ينتهي به الأمر إلى الشعور بالفتور والرتابة وربما
الكسل بعد فترة من الوقت. وإذا كانت هذه هي المشكلة، فما الحل إذًا؟ أفضل ما يساعد
الباحث على تجاوز ذلك الشعور هو وضع الغاية أمام عينيه، والتفكر دائمًا. فعلى
الباحث أن يربط نفسه بغاية أو غايات كثرة. وكلما كَبُرت الغاية، كلما كان المحفز
والمعين عليها أكبر! قد تظن أنها درب من الخيال أو نوع من المزاح، والحقيقة أنها
ليست كذلك، فقد حصل طالب دكُتوراه في جامعة مانشستر مع مشرفه على جائزة نوبل في
الفيزياء لبحثٍ قاما به. فلماذا لا يضع طالب الدكتوراه، على سبيل المثال، في عقله
أن يقوم ببحث في غاية الأهمية قد يقوده إلى نوبل؟ هذا ليس خيالًا، بل أمر واقع
ويقع بالفعل. وأقل تقدير أنه -إن لم ينجح في الحصول على نوبل- سينجح في تحقيق
نجاحات أخرى كثرة، فعندما تؤمن بفكرة وُتُصرّ عليها وتضعها أمامكطوال الوقت، ستبدأ
بالاقتناع بها والعمل على أساسها، لذلك من الضروري للباحث أن يكتب حلمه ويعلقه
أمامهفي كل مكان ليكون مصدر طاقة وتحفيز له .
فكن ذا قيمة كالجوهرة، تزداد قيمتها مع الوقت، فلا يكفي
نشر بحثك العلمي لتحقيق إنجاز، إذ لا بد أن يقدمبحثك قيمة وإضافة .
وبالحديث عن القيمة وإضافة القيمة إلى البحث، نجد أن
الغرض من القيام ببحث في مصر في كثر من الجامعات والمراكز البحثية - هو الحصول على
درجة علمية من خلال نشر مجموعة من الأبحاث أو الأطروحات التي يكون أكثرها تكرارًا
لنقاط بحثية لا تقدم قيمة أو إضافة جديدة، فيكون الغرض أساسًا هو النشر ولا تعرض
الأبحاث مشكلة، ولا تَـفُكُّ معضلةً، ولا تقدم حلًا، ولا تضيف جديدًا. وهذا ما
ينبغي عليك رفضه، فأنت كباحثٍ عليك ألا تسعى فقط للحصول على شهادات أو ما يصاحبها
من ألقاب أو إضافة عنوان جديد في سرتك المهنية، بل عليك أن تقدم قيمة فعليّة.
وليكن الباحث على يقين أن من جَدّ وجَدَ، ومن اعتاد
طَرق الباب فُتِح له، وكل من يسعى ويخلص ويِجدُّ في عمله يفلح.
2. كن مُستقلًا:
في بداية الدراسة والقيام بالأبحاث، ونظرًا لقلة الخبرة
–خاصة في مرحلة الماجستر-، يكون الاعتماد في أغلب الأوقات على المشرف، ومع مرور
الوقت -في النصف الثاني من الوقت المحدد للحصول على الدكتوراه ربما- يبدأ الطالب
في الاعتُماد على نفسه أكثر، ويناقش أفكاره ورؤيته مع المشرف. وقُـبيل الانتهاء من
الدراسة، يفترض أن يكون الطالب أكثر خبرة، حتى من مشرفه، في تلك النقطة التي كرّس
جهده لدراستها وفهمها والقيام بأبحاث عليها لسنوات. فالمشرف لديه مشاريع بحثية
أخرى ينشغل بها، وُيُشرف على أكثر مِن طالب في آنٍ واحد، فتكون وحدك من يفترض بُه
أن يكون على علمٍ بالكثر مما يجهله الآخرون عن بحثك. ولا تتكوّن لدى الباحث
المعرفة الكافية عن بحثه وطرق الحصول على كل نتيجة إلا بالاعتماد على النفس قدر
الاستطاعة .
وهنا تبرز مسألة يجب التنويه عنها. عانى بعض الباحثين
من وجود مشرفين غر أكفاء، فكان اعتمادُهم على أنفسهم في كل شيء منذ البداية دون
مساعدة من المشرف، ولم يمنعهم ذلك من أن يكونوا باحثين متميزين، حيث استغلوا
الخسارة وحوّلوها إلى نقطة إيجابية في صالحهم للخروج من الموقف بمكسب وإضافة
لمهاراتهم البحثية.
فالباحث يكون معتمِدًا على نفسه في كل شيء، فهو من يخطط
لبحثه، وهو من يوّفّر ما سيحتاج إليه البحث من مواد، وهو من يتعاون مع باحثين
آخرين من أماكن أخرى طالبًا التعاون والنصيحة والتوجيه. وكل هذا يجعل منه باحثًا
قوًيًا!
3. أدِر وقتك بكفاءة:
وقت الباحث هو رأس ماله الأساسي! لذا، يجب على الباحث
أن ينتبه إلى وقته جيدًا، فعليه أن يعلم أن وقت الدراسة محدَّد بزمن معين - سنتين
لدراسة الماجستر، وأربعة لدراسة الدكتوراه - ويضع وقتًا محددًا لإنهاء دراسته
.ودراسة الدكتوراه ليست نهاية المطاف، فهناك مراحل ما بعد الدكتوراه، والبحث
العلمي لا تنتهي أفكاره، حيث توجد الكثر من الأسئلة التي تحتاج إجابةً، والكثر من
التقنيات التي يجب تعلمها، والطريق أمام الباحث طويل!
يعتبر التخطيط من حسن إدارة الوقت، فالباحث مُلزم
بإتقان الكثر من التقنيات أو معرفتها على الأقل، ومن حُسن التخطيط، وتوفرًا للوقت
كذلك، أن يدرك الباحث أولوياته. فمثلًا، إذا كان أمامه عشر تقنيات ليتعلمها لكن
وقته لا يسمح إلا باثنتيْن فقط، يكون عليه أن يركز عليهما فحسب، فيتقن ما يحتاج
إليه من تقنيات، ويأخذ ولو مجرد فكرة عامة عن التقنيات الأخرى حتى ولو لم يتوصل في
جميعهم إلى نفس الدرجة من الاحترافية، حيث يكون لذلك أثر إيجابي عليه بعد ذلك في المرحلة
المقبلة من حياته البحثية كمشرف، فيكون على معرفة عامة بالتقنيات ومدى جودتها عند
التجربة .ُ
هناك خطأ شائع وعام يرتكبه غالبية طلاب الماجستر
والدكتوراه، إذ يتخذون أول سنة من الدراسة كفترة راحة بعد صدمة فترة الدراسة
الجامعية قبل التخرج. ينبغي على الباحث أن يدرك أهمية هذه الفترة الأولى، فمن حُسن
إدارة الطالب للوقت أيضًا أن يعلم أن أول سنتين في مرحلة الدكتوراه هما الأنسب على
الإطلاق للتعلم والاستمتاع لأن الضغط النفسي يكون أكبر في آخر المرحلة، كما أن
الوقت يكون أضيق بكثر. فيمكن للطالب أن يستغل أول فترة في الدكتوراه في تعلم الكثر
من التقنيات من خلال حضور تدريبات وورش عمل، والتدرب على الكتابة بطريقة أكاديمية،
وكذلك الانتهاء من دراسة الدورات المقرر دراستها. أما النصف الثاني من مرحلة
الدكتوراه في السنة الثالثة والرابعة، فيكون الطالب منشغلًا طوال الوقت، مُنكبًا على
تجربته باحثًا عن حلول لما يواجهه من مشكلات.
وتوفرا للوقت أيضًا، على الباحث أن يُداوم على
القراءة في مجال تخصصه طوال مشواره البحثي، فالمشكلة التي قد تضِّيع شهرًا للوصول
إلى حلها، قد يكون حلها موجودًا ببساطة في بحث آخر منشور لأن الباحثين عادةً ما
يواجهون المشاكل ذاتها. ومن خلال القراءة يمكن التوصل إلى طرق جديدة أكثر دقة،
ومنهجية أفضل للعمل، لذلك يجب على الباحث تقسيم وقته بين الجزء العملي والقراءة،
فمن وقت لآخر لا تحرم نفسك فائدة مطالعة الأبحاث المنشورة في مجالك، وآخر ما توصل
إليه العلماء، وليكن ذلك مثلًا من خلال قراءة ملخص الورقة العلمية أولًا، ثم قراءة
البحث كاملًا بالتفاصيل بعد ذلك إذا وجدت أن له علاقة بنقطة تخصصك.
يمكن
تقسيم الأوراق الممكن قراءتها والاحتفاظ بها إلى ثلاثة أنواع أو مراتب لتيسر
الرجوع إليها بعد ذلك:
الفئة أ: بحث يتشابه كثرا مع ما تقوم به، فيستخدم مثلًا
نفس نوع الخلايا أو الحيوانات أو العينات محل الدراسة ،إلا أن هناك اختلافات
بسيطة، كالعقار المستخدم في معالجة الخلايا مثلًا.
الفئة ب: بحث قريب لما تقوم به، لكنه أُقل تشابهَا من
النوع الأول.
الفئة ج: بحث متعلق بالموضوع لكنه الأقل تشابها والأكثر
بُعدًا عما تقوم به.
4. كن صبورا:
«إنما العلم بالتعلم، وإنما الحلم بالتحلم،
وإنما الصبر بالتصبُّر»
-الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم
فعلى طالب العلم أن يضع هدفه نُصب عينيه، وأن يجاهد
ويصبِّر نفسه على كل ما يلاقيه من عقبات في طريق الوصول إلى هدفه، وأن يثابر،
فنهاية الطريق بعد كل ما يلاقيه من عقبات في النفق المظلم، مضيئة جدًا.
5. لا تُحبَط:
عليك أن تضع لنفسك شعارًا بأنك ستُحبِط الإحباط!
فالباحث يعد مسئولًا عن حل مشاكل العالم ولا بد ألا يصاب بالإحباط أبدًا. فعليه أن
يتغلب على ما يلقاه من عقبات، وألا يتأقلم معها فحسب، بل يكون على ثقة تامة بأنه
سيتغلب عليها ليصل في النهاية إلى ما يسعى إليه.
6. حافظ على سلامة ما توصلت إليه من نتائج:
بالنسبة للطالب، يكون أبشع ما يقابله هو لحظة ضياع
نتائجه بأي طريقة كانت، فمن القاسي جدًا أن تُفقَد البيانات بعد مُضيّ سنوات كثرة
من عمر وجهد الطالب، وكذلك الكثر من الإنفاق على موارد تم استخدامها في البحث. وقد
يحدث هذا بسهولة إذا لم يحافظ الطالب على بياناته وأدق تفاصيل نتائجه في أكثر من
مكان آمن لتجنب أي خطأ قد يحدث في جهاز الحاسوب الخاص به أو في برمجيات الحاسوب.
وهذا أمر غاية في الأهمية لأنه للأسف لا توجد خطة بديلة لتعويض ما تم فقده! لذا
ينبه جميع الأساتذة على هذا كثرًا، بل إنها من أهم النصائح التي يسمعها الباحث
باستمرار منذ بداية البحث وحتى آخر لحظة، أن يحتفظ بأكثر من نسخة من النتائج في
أكثر من مكان آمن. وهنا يُقترح أن يحتفظ الطالب بنسخة من المعلومات على الحاسوب
الخاص به، ونسخة أخرى على قرص تخزين خارجي )هارد خارجي(، ونسخة ثالثة محفوظة على
بعض المواقع الشبكية المتخصصة في حفظ البيانات بأمان، كما يُراعَى تحديث البيانات
أولًا بأول.
7. استمتع بالتجربة:
أنت عالِم، فعليك الاستمتاع بتجاربك، فالعالَم في
انتظارك وانتظار ما تقوم به!
ونذكر ما بدأنا به سابقًا أن البحث العلمي ليس مجرد
مهنة، البحث العلمي أسلوب حياة، فالمهارات التي يكتسبها الباحث أثناء رحلة البحث
العلمي، لا تقتصر على حدود المعمل الذي يحيط به فقط، بل تؤثر على شخصيته وحياته
ككل. فالمنهجية العلمية التي يطبقها الباحث يوميًا تتحول في مرحلة معينة إلى أسلوب
حياة وعند تتبع الباحث لأي قضية، يجد نفسه يطبق تلك المنهجية العلمية في التفكر،
وُيُقيّم واقعية الأفكار وقابليتها للتطبيق.
المصادر
1.
أشرف حسين محروس، قاعة
بحث: دراسة تطبيقية، كلية الآداب - جامعة المنوفية، شبين الكوم، 2008.
2.
أحمد شلبي، كيف تكتب
بحثاً أو رسالة: دراسة منهجية لكتابة البحوث وإعداد رسائل الماجستير والدكتوراة، مكتبة
النهضة المصرية، القاهرة، 1976.
3.
عبد الرحمن بدوي، مناهج
البحث العلمي، وكالة محاضرات في مناهج البحث والمكتبات، وكالة المطبوعات، الكويت،
1977.
4.
دليل فراسكاتي: الممارسة
القياسية المقترحة للدراسات الاستقصائية للبحث والتنمية التجريبية، الطبعةالسادسة).
27 مايو 2012 نسخة محفوظة 24 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
5.
الحيزان،محمد عبدالعزيز.البحوث
الاعلامية.الرياض،1431
6.
ج. سكوت أرمسترونغ
وسولبرغ الأقران (1968). "في تفسير عامل تحليل". نشرة العلوم النفسية
70: 361-364
7.
تروخم، و.م.ك. مجموعة
معرفة أساليب البحث (2006)
8.
كريسويل، ج.و.
(2008). البحث التربوي: التخطيط والإدارة، تقييم والبحث الكمي والنوعي (3). أبر سادل
ريفر، نيو جيرسي: برنتس هول. 2008 ISBN 0-13-613550-1 (صفحات 8-9)
تعليقات
إرسال تعليق