ونعرض هنا عددًا من النقاط الهامة وهي أسلوب الكتابة،
والمنطق في الكتابة، واختيار الكلمات، وتركيب الجمل ،والجداول والرسوم التوضيحية
وغرها.
أولًا: كن مختصرًا:
لا
داعي للسرد الطويل، فالجملة التي تقول )أنا آسف لقول إني في هذه اللحظة لا يمكني
الوصول إلى المعلومات التي تريدها، تعي ببساطة أنا لا أعرف.
فلا داعي لقول كلام كثر وغر مفهوم، فالجملة التي قد تتكون من ثلاثة أسطر يمكن أن تُختصر في ثلاث كلمات وهذا موجود في الكتابة العلمية بشكل شائع.
هل لاحظت الفارق ودقة الكتابة وتحديد الأرقام؟ تَجنَّب
كذلك أن تستخدم ألفاظًا مثل تقريبًا، أو مماثلًا، أو غالبًا ،ويفضل أن يكون 65%
وحتى۸۰ % من النموذج الخاص
بك دقيقًا، وأن تضع معلومات دقيقة ومُحددة مُستخدمًا الأرقام والقيم والنتائج والتواريخ
كلما أمكن ذلك. وينبغي عليك الاختصار عموًمًا وتجنب ما لا داعي له، ففي إنجلترا
على سبيل المثال، يجب ألا تتجاوز رسالة الدكتوراه الخمسين ألف كلمة، ولو قدّم
الطالب رسالة بها كلمات أكثر من ذلك يطلب منه اختصارها، فإذا وصلت الرسالة إلى
الممتحن ووجد أنها طويلة يردها ثانية إلى الطالب وُيُبلغه أنها أطول مما ينبغي
وأنه لا يملك الوقت الكافي لقراءة رسالة دكتوراه بمثل هذا الحجم.
وعلى فرض أن الصفحة الواحدة أحادية المسافة بين السطور«
single
space» يمكن أن تحتوي على خمسمائة كلمة تقريبًا، يكون اللازم لإتمام
رسالة من خمسين ألف كلمة مائة صفحة وهذا بالطبع كحد أقصى.
ثانيًا: كن دقيقًا:
.”John told
Robert’s son that he should help him « انظر إلى الجملة
الآتية إنها أشبه بالأحجية، لأنك قد ترتبك ولا تفهم من سيساعد من، فقد يعود الضمر
في «أنه» على ابن روبرت أو على روبرت نفسه، وقد يعود الضمر في «يساعده» على جون
نفسه. فإذا قرأت الجملة مرتين ووجدت أنها غر مفهومة أو لها معى آخر محتمل، فينبغي
ألا تكتبها إذًا، فعليك أن تكون دقيقًا في كتابة الجمل وتتجنب الصياغة التي تحمل
أكثر من معى مختلف.
ثالثا: انتبه لعلامات الترقيم:
أحيانا كثرة يستخدم الطلاب النقطة والفاصلة والفاصلة
المنقوطة دون داعٍ، بينما يجب الانتباه جيدًا عند استخدام علامات الترقيم.
الجملتان التاليتان مثلًا:
رئيس الوزراء قال زعيم المعارضة غي
رئيس الوزراء قال «زعيم المعارضة غي»
«رئيس الوزراء» قال زعيم المعارضة «غي»
الجملة الأولى لا تعي شيئا، والثانية تعي أن رئيس
الوزراء وصف زعيم المعارضة بأنه غي، أما الثالثة فتقول أن زعيم المعارضة وصف رئيس
الوزراء بأنه غي. من هنا يتضح أن مجرد نقل علامات التنصيص من موضع لآخر يحدث
فارًقًا كبرا جدًا في المعى، فلا بد أن تنتبه إلى استخدام علامات التنصيص وعلامات
الترقيم لأنها مهمة جدًا ولا توضع لمجرد تزيين الورقة البحثية؛ بل لأنها ركن هام
وأساسي في أسلوب الكتابة.
رابعًا: انتبه لاختلاف معنى الكلمة باختلاف موضعها:
•
Only the largest
group was injected with the test compound.
•
The largest group
was only injected with the test compound.
•
The largest group
was injected with only the test compound.
•
The largest group
was injected with the only test compound.
الفرق بين الأربع جمل هو مجرد نقل موضع كلمة «فقط only»
من مكان إلى آخر، لكن له تأثرا كبرا جدًا في المعى، فالجملة الأخرة تعي أنه تم
الحقن بمركب الاختبار الوحيد، والجملة التي تسبقها تعي أنه تم حقن المجموعة الأكبر
بمركب الاختبار فقط ولم يُستخدم شيء آخر، والجملة التي تسبقها تعي أنه تم حقنها
فقط ولم يتم تعريضها لشيء آخر كدواء آخر مثلًا، أما الجملة الأولى فتعي أن المجموعة
الأكبر فقط هي من تم حقنها بمركب الاختبار .
ومن هنا يتضح أن تغير موضع الكلمة من مكان لآخر يُحدِث
فارقا كبرا جدًا في المعي.
خامسًا: كن مباشرًا:
من الأخطاء الشائعة التي يقع فيها الكثرون، أن تستخدم
نفيًا بعد نفي كأن تقول مثلًا «هذا التفاعل ليس غر شائع»، ولكن من الممكن أن تقول
«هذا التفاعل شائع» أو «هذا التفاعل ليس نادرًا»، فكُن مباشرا في كتابة المعلومة
وضعها بشكل مرّقّم كلما أمكن ذلك .
سادسًا: استخدم الزمن المناسب:
يستخدم زمن الماضي غالبًا في أسلوب الكتابة العلمية؛
لأنك تتحدث أو تصف أشياء قد حدثت أو تجارب قمت بها بالفعل. ولكن يُستخدم زمن
المضارع أيضًا في الحديث عن الوقائع، والحقائق، كشروق الشمس كل يوم من الشرق، فهذه
حقيقة وحدث يحدث يوميًا بشكل مستمر فيستخدم الزمن المضارع لوصفها.
أما
في وصف الأشياء التي حدثت وانتهت بالفعل، كأن تقول «تم غلي العينة» أو «تمت
مراقبتها تحت الميكروسكوب ،»فتستخدم الزمن الماضي.
سابعًا: تعلم متى تستخدم المبني للمعلوم والمبني للمجهول:
تكون الكتابة العلمية كلها غالبًا بصيغة المبي للمجهول
أو ال« Passive voice»، كأن تقول مثلًا «تم تنفيذ التجربة the
experiment was performed»، فأنت تحاول بشكل كبر أن تخفي شخصية الكاتب
،فأنت في هذا المجال لا تريد أن تظهر شخصيتك، بل تريد أن توضح قيامك بهذا العمل
بشكل علمي وأنك كجزء بشري لا توجد في الصورة .
ومع ذلك في بعض الأحيان قد يُستخدم المبي للمعلوم أو
ال« Active voice» مثل «لقد وجدنا wefound»، وهذا يحدث
عندما تقوم مجموعة من الناس بمقارنة أبحاثها بأبحاث مجموعة أخرى .
ثامنا: انتبه لصياغة الجُملة:
عند صياغة الجملة يُفضل أن تجعلها قصرة وسهلة القراءة
ولا تكتب الجمل الطويلة، وإذا حاولت قراءة الجملة ووجدت أنها قد تُفهم بشكل مختلف
إذا قُرأت مرتين، فعليك استبدالها وصياغة جملة أخرى، وعند بداية فقرة جديدة ابدأ
أولًا بالجمل السهلة ولا تبدأ بالجمل شديدة الصعوبة .
تاسعًا: انتبه إلى استخدام الفقرات:
من الأشياء الهامة جدًا في الكتابة أن تنتبه إلى
استخدام الفقرات« Paragraphs»، فحاول أن تقسم موضوعك إلى مجموعة من
الفقرات وأن تتعامل في كل فقرة مع فكرة واحدة، فأحيانا يُخطئ بعض الطلاب في
أبحاثهم بكتابة صفحة كاملة دون تقسيم الموضوع.
إن تقسيم الموضوع إلى فقرات ليس فقط لتقسيم الأفكار؛ بل
لإعطاء القارئ فرصة للتوقف قليلًا، لالتقاط أنفاسه ،ولينتقل بسلاسة من فكرة إلى
أخرى، حيث أن عقل الإنسان لديه القدرة أن يتعامل مع قطع من المعلومات «chunks of
information» كل منها تحتوي على حوالي ستة أو سبعة بنود، بمعى آخر، عندما
تتحدث إلى شخص ما، اعرض عليه سبع أفكار فقط، وامنحه الفرصة لرتاح قليلًا ثم اعرض
عليه سبعًا أخرى، ولهذا السبب عند عرض شرح تقديمي لا نضع الكثر من النقاط والكلام
في شرائح المحاضرة بل بحد أقصى ست أو سبع نقاط حتى نعطي فرصة لعقل الطالب أن
يستوعب تلك النقاط.
والجمل في الفقرات يجب أن تكون مترابطة، فلا يصح أن
تتحدث في موضوع وفجأة تنتقل إلى موضوع آخر، كأن تتكلم عن فروس الإيدز ثم تنتقل فجأة
للحديث عن الالتهاب الكبدي الوبائي أو الصدفية، بل يجب أن تكون أفكارك في الفقرة
مرتبة ومترابطة.
عاشرًا: استخدِم الجداول:
كما ذكرت من قبل فإن استخدام الجداول جزء مهم جدًا في
الكتابة، فحاول أن تضع البيانات في جداول لا نتائج تجاربك فحسب، بل ضع أيضًا
«مراجعة ما سبق نشره literature review» ومقارنات
النتائج في جداول ،فوجود الجدول في حد ذاته يعطي القارئ الفرصة ليقارن بنفسه بين
الموضوعات والنتائج المختلفة.
احد عشر : اهتم بالصور:
يجب أن يُلحَق بالصور الشرح أو التعليق« caption»
الخاص بها، فمن غر المقبول أن تضع صورة دون التعليق عليها بشكل كامل. والتعليق
أيضًا يجب أن يحتوي على معلومات كافية تمامًا، فلا يصح أن تضع صورة وتكتب تعليقًا
مثل «نتائج البحث»، بل ينبغي أن توضح البحث الخاص بأي تجربة، وكيفية تسجيل
النتائج، فالأمر لا يتوقف على وضع صورة فحسب، بل لا بد من التعليق عليها بشكل واضح
وكافٍ.
اثنا عشر: احرص على بعض القواعد العامة
•
حاول: مثل )على
النقيض من( أو )بالمقارنة ب(، أو باللغة الإنجليزية) Moreover(
أو) ، However استخدام تلك التعبرات توضح التسلسل الفكري الذي تتناول المعضلة من
خلاله أو الفكرة التي تعرضها.
•
رتب مصادرك واختر
النمط الذي تريد الترتيب به، بمعى إذا أردت ترتيب مجموعة من المصادر تبعًا للموضوع
الذي تتناوله فهذا أمر جيد، كما تستطيع ترتيبها كذلك بشكل زمي.
•
احرص على أن يكون
كل جزء في البحث مترابطًا وضمن تسلسل فكري كما ذكرنا، بمعى أن تؤدي المقدمات إلى
النتائج، فلا يصح أن تتحدث عن موضوع ثم تنتقل إلى موضوع آخر لا صلة له بما قبله،
أو أن تكرر كلامًا كثرًا لا داعي له.
•
احرص على أن تكون
المراجعة الأدبية نقدية لا وصفية، فلا تكون مجرد شرح لما قام به الآخرون. فمثلًا،
لا تعرض أن باحثًا وضع نظرية أو نموذجًا لتجربة وأجرى تجربة على أربعين شخصًا
واستنتج منها إمكانية معالجة مرض نقص المناعة المكتسب )الإيدز(، فهذا الأسلوب غر
صحيح! عليك نقد هذه التجربة وأن تبين أنه
لا يمكن تعميم نتيجة العينة الصغرة من المرضى على الجميع، وهذا هو المقصود بالنقد.
•
حاول الاستناد قدر
الإمكان إلى أوراق بحثية حديثة أو معاصرة.
•
حاول ألا تؤدي
المراجعة البحثية إلى ما نطلق عليه )أسئلةً بحثيةً مركزة(، فعلى البحث أن يظهر
النواقص وهذا هو الهدف منه، حيث أن الغرض من إجراء البحث هو معالجة مشكلة محددة،
وإذا كانت كتابتك لا تظهر هذه المشكلة المحددة فكتابتك غر جيدة.
•
تجنّب الإشارة إلى
الأوراق البحثية السابقة واحدة تلو الأخرى دون مناقشة أفكارها، فهذا علامة على
المراجعة النقدية السيئة، فالمفترض أن تراجَع الأبحاث بالأفكار والمعى دون
الاكتفاء بمراجعة فردية فقط، وسنوضح ذلك لاحقًا في هذا الفصل.
الثالث عشر: تعلّم قواعد الاستشهاد والمراجع:
نصل الآن إلى الجزء الأخر في أسلوب الكتابة وهو «الاستشهاد citation». بإمكانك طبعًا استخدام أي طريقة لكتابة هذا الجزء، كأن تكتب أرقامًا صغرة أعلى الكلمات« superscript» أو تضع الأرقام بين أقواس. الأمر متروك لك، لكنك غالبًا تتلقى تعليمات من الجامعة أو المكان الذي تدرس به حول النظام المتبع لديهم في كتابة هذا الجزء. ُ
وإذا كنت تستشهد بورقة بحثية لها مؤلف واحد فقط فاكتب
اسمه وبجواره الرقم واحد مثل« 1 jones»، ولو كان هناك
مؤلفان للورقة فاكتب اسم كل منهما مثل« Jones and Smith 2»،
ولو كانوا ثلاثة مؤلفين أو أكثر اكتب مثلًاJones et al« » و« et al» كلمة لاتينية
تعي «وآخرون»، وإذا كنت تستشهد بأكثر من ورقة بحثية كتبها« Jones»
واشترك معه آخرون فاكتب« Jones and co-workers»، مثال على ذلك
ورقة بحثية نشرها عالم كبر مثل الدكتور مجدي يعقوب فأنت تتكلم عن إنجاز الدكتور
مجدي يعقوب ومجموعة كبرة ممن اشتركوا معه في هذا الموضوع.
المصادر
1.
أشرف حسين محروس، قاعة
بحث: دراسة تطبيقية، كلية الآداب - جامعة المنوفية، شبين الكوم، 2008.
2.
أحمد شلبي، كيف تكتب
بحثاً أو رسالة: دراسة منهجية لكتابة البحوث وإعداد رسائل الماجستير والدكتوراة، مكتبة
النهضة المصرية، القاهرة، 1976.
3.
عبد الرحمن بدوي، مناهج
البحث العلمي، وكالة محاضرات في مناهج البحث والمكتبات، وكالة المطبوعات، الكويت،
1977.
4.
دليل فراسكاتي: الممارسة
القياسية المقترحة للدراسات الاستقصائية للبحث والتنمية التجريبية، الطبعةالسادسة).
27 مايو 2012 نسخة محفوظة 24 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
5.
الحيزان،محمد عبدالعزيز.البحوث
الاعلامية.الرياض،1431
6.
ج. سكوت أرمسترونغ
وسولبرغ الأقران (1968). "في تفسير عامل تحليل". نشرة العلوم النفسية
70: 361-364
7.
تروخم، و.م.ك. مجموعة
معرفة أساليب البحث (2006)
8.
كريسويل، ج.و.
(2008). البحث التربوي: التخطيط والإدارة، تقييم والبحث الكمي والنوعي (3). أبر سادل
ريفر، نيو جيرسي: برنتس هول. 2008 ISBN 0-13-613550-1 (صفحات 8-9)
تعليقات
إرسال تعليق